كثيرة هي الأمراض التي تنتشر بين الناس في فصل الصيف، حديثنا عن الأمراض التي تنتقل بالعدوى، والأسباب الكامنة وراء إنتشار تلك الأمراض تتلخص بـ: 1.
1 زيادة فعالية ونشاط الميكروبات جراء تغير درجات الحرارة وإعتدالها أو إرتفاعها.
2. تغير الظروف البيئية مما يساعد تلك الميكروبات على التكاثر.
3. إستخدام الوسائل والأساليب المعيشية التي تتماشى مع إرتفاع درجات الحرارة كالمسابح، الباعة المتجولين ومشروباتهم وعصائرهم.
4. الطريقة الخاطئة في عرض المواد الغذائية في الأسواق.
5. عادات غذائية غير سليمة ولا صحية منتشرة بين أوساط الشعب.
وتعد السوائل أحد أهم واسرع الوساطات لنقل تلك الميكروبات وإنتشارها، وبالتالي إنتشار الأمراض إلى حد الوباء في أحيان كثيرة.
ويمكن تسليط الأضواء على بعض تلك الحالات وأهمها:
1.التسمم الغذائي
2.التيفوئيد
3.الكوليرا
4.إلتهاب الكبد الفيروسي
التسمم الغذائي:
يحصل التسمم الغذائي نتيجة التلوث بأنواع كثيرة جدًا من الجراثيم، منها فيروسية ومنها بكتيرية، ويبدو أن بكتيريا السالمونيلا هي أوسع الجراثيم إنتشارًا، علمًا أن صنف هذه البكتيريا نفسها تسبب حمى التيفوئيد . يوجد حوالى 1500 نوع من بكتيريا السالمونيلا ولكن الغالبية العظمى منها تصيب الحيوانات وتنتقل الى الإنسان إما مباشرةً أو عن طريق الطعام. إن التسمم الغذائي يشمل مجموعة من التغيرات تتمثل بالإسهال والتقيؤ بسبب إلتهاب الجهاز الهضمي الحاد الناتج بعد مرور 48 ساعة من تناول طعام أو شراب ملوثين.
التسمم الغذائي ممكن أن يكون بسبب حساسية الإمعاء مثال ذلك حساسية تجاه بيض السمك أو تجاه فاكهة غير ناضجة. وهناك حالات من التسمم تحصل جراء تناول أنواع سامة من نبات الفطر ( المشروم ) إن الكثير من المواد الغذائية تتعرض للتلف وبالتالي تتحول الى مواد سامة جراء تحلل مكوناتها الأصلية ومثال ذلك الدهون، فإن إعادة إستعمال الدهون الجامدة أو الزيوت السائلة لمرات عديدة وخصوصًا في حالة ( القلي ) ـ وهذا ما هو شائع في بعض (محلات ـ أو بسطيات ) بيع الفلافل أو البيض أو بعض الخضر التي تقدّم مقلية، إضافة في كون تلك (محلات ـ أو بسطيات ) لا يتوفر أقل قدر من النظافة أو سلامة المواد الداخلة إليها والمنتجة فيها والخارجة منها من التلوث.
وهناك مثال آخر، على تلف المواد الغذائية وهي تلك المواد المعلبة، وإن التلف ناتج عن تحلل المواد الحافظة الداخلة في عملية التعليب، هذا إضافة إلى تحرر بعض المواد السامة جراء إستخدام أواني او حاويات أو علب غير صالحة ( ملوثة أو تالفة أو معاد تصنيعها أو معاد إستخدامها)، إن تلف تلك المواد الغذائية يحصل جراء ما يلي:
1. إنتهاء فترة الصلاحية، أي بمعنى إنتهاء فترة فعالية المواد الحافظة لها من التعفن والتفسخ .
2.ظروف الخزن غير الصحية حتى وإن لم تنته فترة الصلاحية .
3.تعرض تلك المعلبات الى التصدعات والإنبعاجات .
4.حصول ثقب غير منظور في العلبة .
إن العلبة التي تكون ( منفوخة ) فهذا دليل قاطع على تفسخ المواد التي تحويها .
وهناك حالات من المعلبات التي تحتوي على مواد غذائية هي أساسًا فاسدة أو تالفة.
إن التسمم الغذائي البكتيري يقسم عادةً الى نوعين :
الأول ـ النوع التلوثي ( التسمم بالعدوى )
الثاني ـ النوع السُمي .
النوع التلوثي
إن البكتيريا المسؤولة هي من نوع السالمونيلا، حيث إن مصدرها بعض أنواع الطيور، القوارض، والماشية، إن الدواجن المنزلية و ذبحها وخزنها في المجمدات وطريقة تناولها تعدّث أهم مصادر إنتقال العدوى .
إن الطعام يتلوث بوساطة فضلات الفئران والجرذان أو إن البكتيريا تنتقل بواسطة الحشرات أو بوساطة العاملين بإعداد الطعام وإحضاره في المطاعم والمطابخ . وتجدر الإشارة إلى أن هذه العوارض تكثر في الأماكن الرطبة والأماكن التي تعاني من المياه الجوفية وكذلك في الأماكن القريبة من الأنهار والبحيرات والمستنقعات . إن سرعة ظهور أعراض التسمم وحدتها تتناسب مع جرعة الجراثيم التي تدخل جوف الإنسان إضافة الى تناسبها مع خطورة تكاثر البكتيريا في الطعام في درجات حرارية مناخية عالية لساعات أو لأيام .
إن أنواع الأطعمة التي تكون عرضة التأثر بهذه الجراثيم ( وخصوصًا البكتيرية ) هي :
•اللحوم التي يعاد طبخها أكثر من مرة .
•الحلويات .
•الحساء .
•الحليب .
•الكريمات المصنعة .
إن خطر التسمم الغذائي لهذه الأطعمة يقل بدرجة ملحوظة في حالة حفظها في أماكن مبردة . لقد سُجلت حالات التسمم الغذائي جراء تناول الرز الذي يعاد تسخينه بعد أن يترك مكشوفًا وفي أجواء غير مناسبة للحفاظ عليه من تكاثر الجراثيم فيه .
النوع السمي
إن هذا النوع من التسمم يسببه نوع من البكتيريا تنتقل من بؤر ملوثة. إن فترة الحضانة بظروف حرارية مناسبة تؤدي الى نمو الجراثيم وإنتاج السم الذي يمتاز بمقاومته للحرارة وعدم فقدانه للقابلية المَرضية أثناء الطبخ، أي بمعنى أن يبقى ذو فعالية سميّة حتى لو تعرّض للحرارة العالية أثناء الطبخ . إن هذا النوع من السم يسبب الإلتهاب الحاد بالامعاء .إن التسمم الغذائي يأخذ صورة الوباء في السجون والفنادق والمستشفيات والثكنات العسكرية والمعامل أو المصانع والمجمعات السكنية الأخرى .
الصورة المَرضية
إن تزامن ظهور الأعراض في أكثر من شخص سواء في العائلة أم في السكان أم في المؤسسة من شأنه أن يسهّل التشخيص . إن فترة الحضانة مؤشر مهم جدًا لتحديد المسبب، فإذا بدأ التقيؤ خلال نصف ساعة بعد تناول الطعام فهذا أقرب ما يكون الى التسمم بالمواد الكيمياوية، أما إذا حصل التقيؤ خلال 12 ـ 24 ساعة فهذا يعطينا الإحتمال بالتسمم البكتيري، أما إذا كان ما بين 1 ـ 12 ساعة لعد تناول الطعام فهو مؤشر على التسمم بنوع من البكتيريا التي نطلق عليها إسم ستافيلوكوكس وكذلك نوع كلوستريديا .
إن الأعراض الأساسية هي : الدوار، التقيؤ، الأسهال، وآلام البطن . وفي الحالات الشديدة فإن المريض يعاني من الشعور بالأجهاد، تشنجات عامة وكذلك سيعاني من الجفاف . أما في حالة التسمم الغذائي الكيمياوي والنوع السمي التسممي فالأعراض تبدو فجأةً وشديدة والمصاب سرعان ما يدخل في حالة الصدمة والغيبوبة. إن الشفاء وإعادة الوضع الى حالته الطبيعية يمكن أن يحصل خلال 24 ساعة . وفي النوع التلوثي فإن الأعراض تكون أبطأ ومن المؤكد أن المريض يعاني من إرتفاع درجة حرارته ومن أعراض التسمم، إن المريض يبدو عليلاً لعدة أيام .
إن الإخراج يكون مائي وذي رائحة كريهة جداً وغير معتادة وربما يحتوي على الدم والقيح، وبالمقارنة مع الديزنتري العصوي فهو يحتوي على القيح فقط . إن التسمم ببكتيريا السالمونيلا يصاحبه إلتهاب العظام والعضلات، إلتهاب المفاصل التسممي، إلتهاب غشاء القلب الداخلي وكذلك إلتهاب ذات السحايا . إن حصول آلام مبرحة بالبطن مع وجود دم في الخروج شائع جداً في إلتهابات بكتيريا ( كامبيلوبكتر ) والذي غالبًا ما يجعل الأطباء يتوهمون بينه وبين إلتهاب القولون التقرحي والذي بالإمكان حسمه بأخذ خزعة من المخرج . إن التسمم بالطعام المعلب فيمتاز بالتقيؤ مع الإحساس بالخدر في كافة أنحاء الجسم، إن نسبة الوفيات بهذا النوع من التسمم عالية جدًا.
الإجراءات :
* الحالة بحد ذاتها تعد من الطوارئ .
1.مراجعة المصاب أو نقل الى أقرب مؤسسة صحية، وحسب الحالة .
2.الطبيب يجري الفحص السريري السريع مع الإستفسار عن الحالة بدقّة ( التاريخ المَرَضي ) .
3.إجراء فحص لعينة من الخروج ومن المادة القيئية .
4.إجراء فحص الزرع لعينات الخروج والمادة القيئية كذلك .
5.في الحالات الصعبة والمعقدة وحسب درجة وعي المريض ( شبه غيبوبة، غيبوبة ..الخ ) يمكن إجراء فحص وزرع الدم .
العلاج :
معظم الحالات بسيطة ويمكن معالجتها في البيت، ويجب الامتناع عن تناول الأطعمة الصلبة وإرشاد المريض الى تناول السوائل ( اللبن، شربت نومي بصرة، سفن آب ...الخ ) . أما في الحالات المتقدمة أو في حالة حصول الجفاف فربما يحتاج المريض الى السوائل الوريدية . بعد أن تبدأ مظاهر الإستجابة بالظهور ( ولو ببطء ) فننصح المريض بتناول بعض الأطعمة البسيطة التي تحتوي على القليل من المواد الصلبة وبالتدريج .
لا ننصح باستخدام المضادات الحياتية في الحالات الحادة كونها ليست ذي فائدة بل ربما تزيدها سوءًا.في حالة التسمم بالسالمونيلا فغرام واحد من الأمبسيلين كل 6 ساعات بالوريد أو بالعضلة فهو مفيد جدًا والبديل هو الميثبريم . أما إذا تم تشخيص حالة التسمم الدموي أو إلتهاب غشاء القلب فيُعطى جنتامايسين أو كلورومفنيكول . وفي حالة التسمم ببكتيريا ( كمبيلوبكتر ) فيعطى المريض أرثرومايسين .في حالة التسمم الغذائي الكيمياوي أو بغذاء متسمم كيمياويًا ( كبيض السمك الذي يتم إصطياده بالمواد الكيمياوية ـ) فإن غسيل المعدة مفيد جدًا.